قصـة صحابي (1)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكثير منّا يجهل تفاصيل سيرة الرسول – عليه الصلاة والسلام- أو
بالعموم سيَر الشخصيات الإسلامية، لذا فكّـرت بكتابة/نقل قصة صحابي كل فترة إن شاء الله –متى ما وجدت قصة :D-
وسأبدأ بصحابي لا أعرف منه إلا اسمه! حتى اسمه أجهل سببه –للأسف-
مع أن له دورًا كبيرًا في الإسلام حيث كان من أوائل المسلمين ونزلت آية في القرآن
بسببه..
صُهَيب الرومي وُلد قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام بعشرين
عامًا، عاش طفولته متنعمًا بقصر أبيه حيث كان حاكمًا لمدينة عراقية اسمها
"الأبُلّة".. لكن لم يلبث هذا النعيم طويلًا؛ فقد هاجم جيش الرومان تلك
المدينة فقتلوا أهلها وأسروا آخرين، ومن ضمن الأسرى الطفل الصغير "صهيب"
..
-
عاش صهيب بين الرومان عبدًا يخدمهم وبقي معهم سنين طوييلة نسي
خلالها اللغة العربية، لكنه لم ينسَ أنه عربيّ الأصل.
كَبُر صهيب وصار شابًا قويَّا يستطيع الاعتماد على نفسه، وحين
سنحت له الفرصة هرَب لمكة المكرمة؛ لأن نفسه الأبية لم ترضَ بالذل والهوان، فوصل
لمكة وحالف سيدًا من ساداتها يدعى عبدالله بن جدعان، أيّ: تعهّد ابن جدعان على
حماية صهيب وفي المقابل يخدمه صهيب إن احتاج المساعدة، لأن المجتمع فيذلك الوقت
كان قبليًا - إن كانت لك قبيلة أمِنت على نفسك وكانوا السنَد لك في وقت الشدائد،
وإن كنت وحيدًا فلن يدافع عنك أحد ..
-
وكان صهيب جميل الوجه أحمر الشعر يتكلم اللغة العربية بصعوبة؛
لهذا السبب سماه أهل مكة المكرمة بـصهيب الرومي :)
أما عن الآية اللي نزلت بسببه؛ فحين عاد لمكة أنعَم الله عليه
حيث بدأ بالتجارة فرزقه الله رزقًا كثيرًا، ولمّا بُعث النبي شرح الله صدرَ صهيب للإسلام،
فأسلم هو وعمّار بن ياسر في يوم واحد، مضَت سنين بداية الدعوة التي عانى فيها
المسلمون حتى أذِن لهم الرسول – عليه الصلاة والسلام- بالهجرة إلى المدينة ..
-
قرر صهيب أن يهاجر للمدينة، فجهّز متاعه، وأخذ ما استطاع من
أمواله، وتسلل من بيته، لكن كفار قريش شعروا به فتبعوه ووقفوا في طريقه، طلبوا منه
العودة إلى مكة فرفض، فقالوا له: "لقد أتيت بلادنا وأنت فقير معدم لا تملك
شيئًا فآويناك وسمحنا لك بالتجارة، فلمّا اغتنيت وكثر مالك تأخذه وتتركنا ؟!
"
فعرض عليهم صهيب: "أرأيتم إن تركت لكم بيتي وناقتي وكل
مالي أتتركونني أهاجر؟ قالوا: نعم.
فترك لهم ماله وهاجر في سبيل الله وهو لا يملك سوى ملابسه –رضي
الله عنه-
-
عانى كثيرًا في طريقه، واستغرقت رحلته ثلاثين يومًا، تسلخت
خلالها رجلاه من السير وسالتت منهما الدماء، وأصابه التعب الشديد..
وحين بلغ مسجد قباء رآه الرسول عليه الصلاة والسلام مقبلًا، فهش
له وبش وقال: "ربح البيع يا أبا يحيى، ربح البيع.. " وكررها ثلاثًا.
علَت الفرحة وجه صهيب وقال: "والله ما سبقني إليك أحد يا
رسول الله، وما أخبرك به إلا جبريل"، فتلا عليه النبي عليه الصلاة والسلام
آية نزلت بسببه، وهي قوله تعالى: " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله
والله رؤوف بالعباد" .
_تمت
لنا في قصة صهيب الرومي عضة كبيرة، ابتداءً بكونه فخورًا
بعروبته.. مرورًا بصبره على أذى المشركين وانتهاءً بتضحيته كل ما يملك لأجل شيءٍ
واحد؛ مرضاة الله.
*المصدر: مجلة باسم
إن رأيتنِي على خطأ فنبهنِي هُنـا: http://sayat.me/nora1m
0 التعليقات: